الجمعة، 30 ديسمبر 2011

إنشاء المسلم المستهتر

                             كيف تنشئ المسلم المستهتر
كان الأئمة القدماء يظنون أن هم قدّموا للناس الرغائب والرقائق، فإنهم بذلك يدعون بالحكمة والموعظة الحسنة، وجرى العمل الدعوي على ذلك حتى صار ذلك الأمر من معتقدات المسلمين، بل وقام أئمة الزمن القديم بالاعتقاد في هذا الهراء حتى فعلوه ونفّذوه بأنفسهم، إعتقادا منهم انهم يحصلون على الثواب، وأرى بأن ذلك من فساد الفكر فضلا عن كونه إفساد للحياة الدينية للمسلمين.
ودليلي على ذلك أسوقه لكم عن الإمام النووي الذي اعتقد بأن من حفظ أربعين حديثا يحصل له كذا وكذا من الخير، ولذلك فإن ذلك النووي ألف كتابه المشهور باسمه والمسمى (شرح الأربعين النووية)، وأرجوكم أن تقرءوا ما كتبه بمقدمته لكتابه وتتدبروه لتتبينوا كيف كان يفكر هؤلاء، فقد جاء به ما يلي:
[أما بعد: فقد روينا عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء وابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم من طرق كثيرات بروايات متنوعات أن رسول الله قال: (من حفظ على أمتي أربعين حديثا من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء) وفي رواية بعثه الله فقيها عالما، وفي رواية أبي الدرداء وكنت له يوم القيامة شافعا وشهيدا، وفي رواية ابن مسعود قيل له ادخل الجنة من أي أبواب الجنة شئت، وفي رواية ابن عمر كُتب في زمرة العلماء، وحُشر في زمرة الشهداء..........(لاحظ كثرة المذكور من أسماء الصحابة وكثرة اختلافهم).
واتفق العلماء على انه حديث ضعيف وإن كثُرت طرقُه، وقد صنف العلماء في هذا الباب ما لا يُحصى من المصنفات، فأول من علمته صنف فيه عبدالله ابن المبارك، ثم محمد بن أسلم الطوسي العالم الرباني، ثم الحسن ابن سفيان النسائي، وأبو بكر الآجري، وأبو محمد بن إبراهيم الأصفهاني، والدر قطني ، والحاكم وأبو نعيم ، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو سعيد الماليني، وأبو عثمان الصابوني، وعبد الله بن محمد الأنصاري، وأبوبكر البيهقي، وخلائق لا يحصون من المتقدمين والمتأخرين.
وقد استخرت الله تعالى في جمع أربعين حديثا اقتداءا بهؤلاء الأئمة الأعلام وحفاظ الإسلام وقد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال.....]، انتهى الاقتباس من النووي .
فانظر كيف اعتقد من أسموه بإمام كيف اعتقد ويحث الناس على الاعتقاد بأن من حفظ أربعين حديثا:
1.    بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء.
2.    بعثه الله فقيها عالما.
3.    كان النبي له يوم القيامة شافعا وشهيدا.
4.    قيل له ادخل الجنة من أي أبواب الجنة شئت.
5.    كُتب في زمرة العلماء، وحُشر في زمرة الشهداء.
فإذا كان كبار الصحابة اختلفوا على خمس أقوال، فإن هذا يعني بداهة بأن رسول الله لم يقل هذه الرواية، فضلا عن كونها لا تصح، فهل من حفظ أربعين حديثا يدخل الجنة وإن زنى وإن سرق وإن لم يصلي ولا يصوم؟.
ألم نقرأ عن الشيخ السلفي  الذي قتل شيخه الذي قام بتحفيظه ثمان أجزاء من القرءان، ثم اغتصب زوجة شيخه ثم قتلها هي أيضا، بل وكان يحفظ القرءان ويمارس شم الهروين، فهل ستشفع له الأجزاء الثمانية ويدخل الجنة، خصوصا وأن ثماني أجزاء أهم من أربعين حديث.
فهل لا نزال نحمل ذات السذاجة الفكرية والمعتقدات الشاذة، أظن آن الأوان أن ننتهي عن ذلك الهراء.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق