ليست السلفية مذمة لنذمها، لكنا نذم نهج السلفيين في العصر الحديث، فإن تمسكهم بفقه السلف ليس عيبا في السلف لكنه عيبا فيهم، لأن التطور الفكري يعمل بسنن الفطرة في بني الإنسان، فإن أصرت جماعة على التقيد بعلوم السلف واعتبرته سقف العلم والقربى إلى الله، فهم قد خلطوا أمورا ما يصح لها أن تخلط
فخلطوا أولا بين التقوى التي كان عليها كثير من السلف، والجهد والتفان والإخلاص الذين تشرفت بها الأجيال القديمة، وبين التطور الفكري في العقول والمتاح من العلم للمتأخرين عنه في اهل العصر القديم،
لذلك فرفض السلفية استبدال فقه أو فكر الأقدمين بفكر المحدثين، إنما هو درب من دروب تخلف الفكر الديني عن المنظومة الفكرية مما يؤدي لخروج الناس من الملة
ولم يميز أهل سلفية العصر الحديث بين الفقر المدقع في أدوات الفقيه القديم وأدوات الفقية الحديث، فنشأ عن ذلك ظهورهم بمظهر الجمود والتخلف
وبالرغم من تطور الزمن فهم يعتمدون على الرواية والقصة في دعوتهم مما أفقد الفكر الإسلامي الكثير من دلالات كتاب الله، وبالتالي ازدادت المسافة الفاصلة بين الفكر الذي تحمله الأمة في حياتها، وبين فكر حمله القرءان الكريم في عصرنا، وما ذلك إلا من
نتاج تصور باهت منح الأقدمين شرف سقف العلم بلا داع
وإليك مثل عن الجمود الفكري لما عليه دعاة السلفية
فهم مثلا يتصورون قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102
يتصورونها آية عن ضرورة حسن الختام، لأن مشايخهم وأئمتهم قالوا ذلك، والحقيقة أن تعبير (ولا تموتن) يعني الحياة ولا يعني الموت، بما يعني لا تعيشوا إلا على الإسلام، لأن الموت ليس بيد أحد، وختام الأعمال مثل منتصفها لأن الله وعد بأن نرى كل عملنا الصالح وكل عملنا الطالح، ووعدنا بأن الحسنات يذهبن السيئات، فلا فرق بين تقدم هذه الحسنة أو تأخر تلك المعصية، وعلى ذلك تسقط نظرية ختام الأعمال سقوطا مدويا، لكنهم لا يستطيعون منها فكاكا لأنها في قصصهم وروائياتهم وقال بها أشياخهم القدماء
بل قالوا أسوأ من ذلك، قالوا بأن الصحابة رضوان الله عليهم لما نزلت هذه الآية بكوا بكاءا مرا واشتكوا لرسول الله وقالوا :من منا يستطيع أن يتق الله حق تقاته، فنزل قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }التغابن16
فهل ينزل القرءان وفق هوى الصحابة، أليس القرءان قديم قبل الصحابة، ألم يقل الله [ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد] فلماذا يقولون تلك القصص الممجوجة التي تبين فساد عقيدتهم، إنه سبب واحد، أن يقولوا أن بالقرءان ناسخ ومنسوخ ولا حول ولا قوة إلا بالله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق