الجمعة، 30 ديسمبر 2011

سفه فكر السلف عن المرأة

سفه فكر السلف عن المرأة
إن فهم السلف عن المرأة يعبر عن سقطة فكرية عريضة، وقد قامت التفاسير لكتاب الله بالبناء على تلك السقطة، وقد سسبق نقد فكر الأئمة الأربعة فيما يخص حقوق المرأة على زوجها وقولهم بأنه ليس عليه أجر طبيب ولا دواء ولا فاكهة لها، وما قاله المالكية والحنابلة من عدم مسئوليته عن ثمن كفنها إن ماتت، وما انبرى به الشافعية من أنه ليس على الزوج ثمن الماء الذي تطهر به المراة من حيضها، وغير ذلك كثير مما سردناه من فكرهم موثقا برقم الصفحة، وبينا مخالفة ذلك لكتاب الله الذي قرر لهن الإمساك بمعروف والتسريح بإحسان.
وبهذا المقال نتناول النظرة الدونية المخالفة لكتاب الله والتي كان السلف ينتمون إليها، وكيف أثّر ذلك الفكر على التفاسير القديمة فتوارث الناس الجهل بدين الله عن طريق تلك التفاسير وهم يقدسونها بل ويعتبرونها سقف العلم، وما ذلك إلا لعدم تدبرنا لكتاب الله فنحن قوم عظّمنا القدماء وعقولهم وقمنا بإلغاء كل فكر يخالف فكرهم، بل وقام كل منا بإلغاء عقله وهو يمارس بكل فخر وينتمي لفصيلة [هذا ما ألفينا عليه ءآباءنا].
فعن قوله تعالى: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }النساء5؛ تُرى كيف تناول الأقدمون معنى كلمة [السفهاء] لقد تناولوها بمنتهى السفه وبما يخالف كتاب الله وسنة رسوله، وسنتخذ المثل بتفسيرين يجلهما أهل الإسلام وهما تفسير الطبري وابن كثير.
أولا:تفسير الطبري:
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في"السفهاء" الذين نهى الله جل ثناؤه عباده أن يؤتوهم أموالهم. (2)فقال بعضهم: هم النساء والصبيان.
* ذكر من قال ذلك:
8523 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا إسرائيل، عن عبد الكريم، عن سعيد بن جبير قال: اليتامى والنساء.
8524 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: لا تعطوا الصغار والنساء.
8525 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا يزيد بن زريع، عن يونس، عن الحسن قال: المرأة والصبيّ.
8526 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن شريك، عن أبي حمزة، عن الحسن قال: النساء والصغار، والنساء أسفه السفهاء.

8528 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا حميد، عن عبد الرحمن الرؤاسي، عن السدي= قال: يردّه إلى عبدالله= قال: النساء والصبيان.
8529 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، أما"السفهاء"، فالولد والمرأة.
8530 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، يعني بذلك: ولد الرجل وامرأته، وهي أسفه السفهاء.
8531 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال:"السفهاء" الولد، والنساء أسفه السفهاء، فيكونوا عليكم أربابًا.
8532 - حدثنا أحمد بن حازم الغفاري قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك، قال: أولادكم ونساؤكم.
8533 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا أبي، عن سلمة، عن الضحاك قال: النساء والصبيان.
8534 - حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن حميد الأعرج، عن مجاهد:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: النساء والولدان.
8535 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا ابن أبي غَنِيّة، عن الحكم:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: النساء والولدان. (1)
8536 - حدثنا بشر بن معاذ: قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا"، أمر الله بهذا المال أن يخزن فتُحسن خِزانته، ولا يملكه المرأة السفيهة والغلامُ السفيه.
8537 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا ابن المبارك، عن إسماعيل، عن أبي مالك قال: النساء والصبيان.
8538 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: امرأتك وبنيك= وقال:"السفهاء"، الولدان، والنساء أسفه السفهاء.


ثانيا:تفسير ابن كثير
وقد قال الضحاك، عن ابن عباس في قوله: { وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ } قال: هم بَنُوك والنساء، وكذا قال ابن مسعود، والحكم بن عُتَيبة (5) والحسن، والضحاك: هم النساء والصبيان.
وقال سعيد بن جُبَير: هم اليتامى. وقال مجاهد وعكرمة وقتادة: هم النساء.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عَمّار، حدثنا صدقة بن خالد، حدثنا عثمان بن أبي العائكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وإن النساء السُّفَهاء إلا التي أطاعت قَيِّمَها".
ورواه ابن مَرْدُويه مطولا (6) .
وقال ابن أبي حاتم: ذكر عن مسلم بن إبراهيم، حدثنا حَرْب بن سُرَيج (7) عن معاوية بن قرة (8) عن أبي هريرة { وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ } قال: الخدم، وهم شياطين الإنس وهم الخدم.
ولم يخلو تفسير من التفاسير من هذا الفكر المزري المخالف لما ورد بكتاب الله في أحسن القصص، إذ ضرب الله مثلا للذين آمنوا بامرأتين ولم يضرب المثل بأي رجل، وضرب الله المثل في حكمة القيادة ورئاسة الدولة ببلقيس ملكة سبأ، وضربت السنة النبوية المثل بأم المؤمنين السيدة (حفصة على ما أذكر) حينما نصحت رسول الله بأن يذبح الهدي وتبعه في ذلك المؤمنين وإلا لهلكت الصحابة جميعا لبزوغ محاولات الخروج على أمر رسول الله أول الأمر.
فكيف تبنى الفكر القديم أن السفه يلحق المرأة بل يقولون عنها بأنها أسفه السفهاء، وهل شياطين الإنس هم الخدم كما ذكر ابن كثير بتفسيره، ألا يدل هذا الفكر الذي اعتمدته التفاسير على مخالفة القرءان والسنة النبوية والواقع، فهل يحق لي اعتبار هذا من إضلال الأمة بفقه الأئمة أم لا؟.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومفكر إسلامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق