الجمعة، 30 ديسمبر 2011

استحمار الشعب والدولة

استحمار الشعب والدولة
عجيب أمر القائمين على إدارة البلاد بكل العصور، هل فقد المصريون الرشاد، أم فقدوا نخوة الكرامة، أم لديهم تأخير في ردة الفعل حتى تقع المصائب.
بيان رقم 1&2&3 بتشكيل هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمصر، وضلوع واضح لحزب النور والجماعات السلفية المتأخرة في الرشاد والفهم الإسلامي، ثم  تجدنا ولا زلنا فاغرين الأفواه لا نلوي على شيء وكأن الأمر لا يخصنا.
 ويقولون بأن المتطوع سيمسك في يده بعصا، ولا زلنا فاغرين الأفواه أيضا، ويقولون بأنهم سيستبدلون العصا الخيزران بصواعق كهربائية، ولا زلنا واجمين مش فاهمين، فهل أصبحنا شعبا من الحمير.
إن هذا النهج الذي ينمو بيننا يؤكد على وجود ردَّة حضارية وفكرية بالبلاد، ألا تستشعرون بأن هؤلاء السلفيون يعيدونا لعصر العقوبات البدنية وقهر الناس واستعبادهم تحت راية ما يزعمونه أنه دين.
ألا تستشعرون بأن سيادة القانون تم استبدالها بخيزرانه في يد أعضاء الهيئة من الأجلاف البدو المتجنسين بالجنسية المصرية؟، ألا يرى الأزهر أي مخالفة يتم ارتكابها باسم الإسلام، وهل هذا هو العقل المتنور لشيخه؟، أيكون هذا الصمت والخنوع المريب هو رد فعل جهاز الشرطة ووزير الداخلية الهمام؟، أتسمحون هذه الأيام بإنشاء تنظيمات تحتك بالشعب خارج الإطار القانوني؟، هل فقد رئيس الوزراء التفاعل مع الأحداث؟، وأين الجميع من سيادة القانون.
ألا يفهم أحد بأن هذه الهيئة ستقودنا لحرب أهلية؟، أم ستنتظرون أن يستعر القتل  لتقولوا تسمياتكم ومصطلحاتكم الشمطاء هذا شهيد وهذا قتيل، وأين خطباء الجمعة من هذا الحدث؟، وأين توعية وزارة الثقافة  للناس باللجوء للشرطة حال تدخل أحد الأجلاف في الحريات العامة والشأن الخاص للمواطن.
ألسنا تحت حكم قانون الطوارئ وهذا التنظيم الداعر يقوم بنسج خيوطه الآثمة والخارجة عن  دين الله ليحكم ويتحكم في البلاد ويعيث وينشر فيها الفساد، ويقول [كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله] بينما هم لا يفهمون حرفا مما يقرءون؛ فلماذا لا يتم القبض عليهم قبل أن تقع المصيبة.
إن الخيزران والصواعق الكهربائية ليس فيها أي معروف، وإن إجبار الناس على الصلاة والحجاب، وظن السوء بكل رجل يقف مع امرأة أو يجلس معها، أمر لم يأمر به الله ولم يقم به النبي حال حياته، لأنه كان يفهم ما تنزل عليه ولم يكن جلفا بدويا، وكان صلى الله عليه وسلم غير فظ ولا غليظ القلب، وكان على خُلُقٍ عظيم حيث كان خُلُقُهُ القرءان، فأين هذه الهيئة ومهمتها من نبي الرحمة ودين الإسلام؟ .
ألم يقل الله عز وجل: {وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ }الأنعام107؛ وكيف يفهم هؤلاء قوله تعالى: { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ }يونس108؛ فمنذ متى أصبح السلفيون وكلاء الإسلام في الأرض بينما رسول الإسلام يقول [ لست عليكم بوكيل ]؟، ألا تفهمون كتاب الله وتزعمون أنكم تيار إسلامي، نعم إنكم تيار يزكم الأنوف، تيار يستقى مناهجه بتحريف فهم كتاب الله، تيار يأخذ الحكم من آية ويترك باقي الآيات لهوى الغلظة في نفوس مريضة بالغباء الفكري والفقهي.
وترى سدنة هذا الفكر وهم يغضبون من كلماتي التي أذكر فيها كلمات من مثل [غباء ـ غلظة ـ فظاظة ـ بدعة ـ غباء فكري وفقهي]؛ بينما لا يجدون غضاضة في تهديد الناس بالعصي والتدخل في الحريات العامة وهدم دولة القانون، لأن كل هذا على هواهم، وهم يجُرُّون الناس ليذعنوا للنظام الجديد ويخضعوا لاعتداءاتهم وتدخلاتهم الغليظة الخارجة عن دين الإسلام.
فأين أنت يا جنزوري، وأين أنت يا شيخ الأزهر، وأين أنت يا وزير الثقافة، وأين أنت يا وزير الداخلية، أم أنكم تنتظرون فوضى تتلذذون بالشكوى منها، هل هذه هي الأمانة والإخلاص الذي يجب أن تكونوا عليه، والله لو كان الأمر بيدي لحاكمتكم على هذا الصمت المريب.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض وكاتب إسلامي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق