السبت، 31 ديسمبر 2011

إسلامنا والتقدم للخلف

إسلامنا والتقدم للخلف
يقول تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }النحل97.
فها نحن ذكورا وإناثا نعمل من الصالحات لكن نعيش الضنك وفقرنا مستمر وتخلفنا متقعر، فهل يا ترى ما نحن فيه لعدم انطباق الشرط الثالث وهو الإيمان، أترانا قد انحرفنا بإيماننا عن صراط الله المستقيم كما أراد.
قد تكون الصنمية التي نذعن لها من آراء فقهية ومرجعيات نقدسها وكسل نمارسه، مع طغيان عاطفي وتوقف عقلي، وتشرذم مذهبي فهذا سني وذاك صوفي وآخر سلفي وغيرهم شيعي، مع عدم حبنا للقراءة والكتابة بينما نحن أبناء دين نزل أول ما نزل بإقرأ، كل ذلك وغيره أفرز المسلم الكسول المتخاذل، هم السبب الرئيسي فيما نحن فيه.
وقد يكون عدم التزامنا بأولويات الحقوق والالتزامات أحد الأسباب فيما نحن فيه، فنحن نمارس الظلم في جماعة، كما نحب الصلاة في جماعة، فها هو قانون إيجار الأماكن يسعى بيننا بظلم الملاك ونحن راضون، بينما نتلو كتاب ربنا: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}البقرة188؛ فنحن نأكل أموال الملاك ونعزو ذلك للقانون، وقد يكون ظلم الكبير للصغير، والقوي للضعيف منتشرا بيننا دون أن نحرك ساكنا لرفع الظلم عن المظلومين، فلقد ظل مبارك والعادلي يمارسان حق الاعتقال 30 سنة بنجاح عظيم فلم تخرج مظاهرة لنصرة المظلومين طوال هذه السنين، بل كنا ننشر قرار مد حالة الطوارئ بالجريدة الرسمية وسط مباركة من الجميع بما فيهم العمائم.
ولقد ابتلينا بالسب والقذف فيما بيننا، بينما رسولنا على خلق عظيم، بل نقول فخرا بأنه على خلق عظيم ونرتشي، ونتكاسل عن العمل، ونتأخر في غير انضباط وغير سوية في العمل، وبينما يحضنا ديننا على الإخلاص فنحن من أفضل الشعوب غير المخلصة في أعمالها، فلا تكاد ترى عملا.... وإن رأيته فلا ترى فيه إخلاصا، فهل ارتوت اخلاقنا من الحضيض؟.
لقد أصابتنا مناهج العاطفة في مقتل، فاخترنا المصلين من السلفيين ليمثلونا بالسلطة التشريعية دون أن يكون لهم أي دراية بالعمل التشريعي، وكأن الصلاة باسبورت للنجاح، وهذا هو نهجنا الذي أردانا، لقد فتنتنا العواطف الجياشة تجاه ديننا فترانا ننحدر لإهمالنا العقل، وقد يكون لقلة الثقافة دخل كبير في هذا النهج.
فهل يؤمن المصريون بأن الله يرزق المصلين الكسالى والعاطفيين بلا عقل ومن لا يتدبرون أمرهم بعمق، ومن يطلقوا لألسنتهم العنان ويريحوا عقولهم.
لقد ارتحنا لإسلام الطقوس، ورجال الطقوس، فبات إسلامنا خواءا من المضمون، وراح الفقهاء يسهرون ليلهم ليضعوا ساعات المسلم التي يحياها وفق منظومة من الطقوس والتقليد، فأصبحنا أهل دين بلا روح، أي دين بلا أخلاق، ودين بلا موضوعية، فالسلفية ليست وحدها التي عنيت بالشكل وتركت المضمون، وليست وحدها التي انحرفت بمقاصد  القرءان الكريم، فنحن جميعا مشتركون في بوهيمية الممارسة، أي الأصولية الفارغة، فترانا أهل دين بلا أخلاق لذلك تأخرنا وتفرقنا.
إن الأخلاق في الإسلام لا تقوم على نظريات مذهبية، ولا مصالح فردية، ولا عوامل بيئية تتبدل وتتلون تبعا لها، وإنما هي فيض من ينبوع الإيمان يشع نورها داخل النفس وخارجها، فليست الأخلاق فضائل منفصلة، وإنما هي حلقات متصلة في سلسلة واحدة، فتجد المرء عقيدته أخلاق، وشريعته أخلاق، ولا يخرق المسلم إحداها إلا أحدث خرقا في إيمانه، فلهذا السبب فإننا مهما ارتشفنا من طقوسنا وأعمالنا التي نظنها صالحة فإن الله لا يصلح أبدا حياتنا، لأنه لا يصلح عمل المفسدين بالقلوب وإن صلحت قوالبهم.
والأخلاق ليست ترفا في حياتنا الطقوسية، لكنها منظومة تنبع من العقيدة وتثمر مع الشريعة وتستظل بها الحياة فتثمر ونتقدم، لكن ليس هناك تقدم بالصلاة، ولا بالزكاة ولا بكثرة العمرة والحج، ولا بصيام النوافل وصلاة السنن، ولا باختيار المصلين ليكونوا ممثلين لنا بمجلس الشعب، فذلكم هو إسلامنا الخاص الذي نتقدم به إلى الخلف.
لقد تقدمت الدول حولنا بالأخلاق، وبات الدين ضميرا تشع أنواره أخلاق من خلال القلوب لا القوالب، فلا ترى فيهم من أطلق لحية، ولا حمل سواكا، وهم لا يصومون النوافل، لكن بينهم وبين الله ميثاق الإخلاص الذي قال الله فيه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }البينة5؛ فهل لاحظنا تقدم العمل على الصلاة بالآية أم سنظل خاضعين لفقه الفقهاء الذين يقولون بأن الصلاة عماد الدين، فنصلي ولا نعمل، ونرسم الدين خطوطا جوفاء، ...لهذا تأخرنا.
وبالدول الأخرى يأمن غير المسلم على نفسه، فلا يزدريه أحد، ولا يحاسبه أحد على كفره، لأننا لسنا وكلاء الله في الأرض، فلقد بات غير المسلم خائفا بيننا يترقب هدم كنيسة هنا، أو خطف امرأة هناك، فهل أصبحنا غيلان بشرية لا ترعى حقوق الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ونحاسب الآخرين لعدم دخولهم في دين يقتل تارك الصلاة والزانية والمرتد والساحر ويجلد شارب الخمر ويقطع يد السارق، وينتظر عوامل القوة العسكرية لينقض على دول الجيران التي لا تدين بهذا فيسبي نساءها ويقتل رجالها ويفرض الجزية على الباقين ونقول تلك شريعتنا وهذا ديننا ونحن خير أمة أخرجت للناس.
نعم نحن خير أمة إنما امتطانا إبليس فاستبدل سماحة الدين بفظاظة الممارسة، واستبدل دين القلوب بدين القوالب، واستبدل فينا الخلق العظيم بالطقوس، واستبدل العمل والسعي في الحياة بالشعارات، فرحمة الله على أمة بات هذا إسلامها.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وكاتب إسلامي


الجمعة، 30 ديسمبر 2011

البسملة

البسملة
 وخلاصة القول في كل هذه المقابلة الواضحة بين المذاهب المختلفة الأربعة والشيعة :
1.      الإمام مالك يرى أن البسملة ليست آية من الفاتحة أو غيرها ولا يقرأ بها المصلي لا في الصلاة المكتوبة ولا غيرها ، لا سرّا ولا جهرا ، فالمسألة عنده اجتهادية وليست قطعية متواترة .
2.      الإمام أحمد بن حنبل ، البسملة عنده آية من الفاتحة ، لكن يُسر بها في كل ركعة .
3.      الإمام الشافعي يرى أن البسملة آية من سورة الفاتحة ويجهر بها في الصلاة ، إلا أنه يرى أيضا أن البسملة آية من كل سور القرآن الكريم .
4.      الإمام أبو حنيفة يرى أن البسملة ليست آية من الفاتحة ، إلا أنه يُسر بها في كل ركعة ، ولا يجهر بها .
أئمة الشيعة يرون ما يرى الإمام علي بن أبي طالب بأن البسملة آية من الفاتحة ويجهر بها

فقه الشافعية في حمل المرأة

من كتاب الأم للشافعي تحت عنوان عدة الحامل ـ [وإذا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ أو لَا يَمْلِكُهَا فَأَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أو لم تُقِرَّ بها حتى وَلَدَتْ وَلَدًا لم يُجَاوِزْ أَرْبَعَ سِنِينَ من السَّاعَةِ التي وَقَعَ فيها الطَّلَاقُ أو أَقَلَّ فَالْوَلَدُ أَبَدًا لَاحِقٌ بِالْأَبِ لِأَكْثَرَ ما يَكُونُ له حَمْلُ النِّسَاءِ من يَوْمِ طَلَّقَهَا كان الْأَبُ حَيًّا أو مَيِّتًا لَا ينفي الْوَلَدُ عن الْأَبِ إلَّا بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَكْثَرَ مِمَّا تَحْمِلُ النِّسَاءُ من يَوْمِ طَلَّقَهَا أو يَلْتَعِنَ فَيَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ أو تَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ فَتَكُونُ فِرَاشًا وإذا تَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ وقد أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَقَرَّ بِالدُّخُولِ بها أو لم يُقِرَّ حتى جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ من يَوْمِ وَقَعَتْ عُقْدَةُ النِّكَاحِ فَالْوَلَدُ له إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ وَكَذَلِكَ لو قالت كَذَبْت في قَوْلِي انْقَضَتْ الْعِدَّةُ لم تَصْدُقْ على الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَلَوْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ من يَوْمِ وَقَعَتْ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الْآخَرِ وَتَمَامِ أَرْبَعِ سِنِينَ أو أَقَلَّ من يَوْمِ فَارَقَهَا الْأَوَّلُ كان لِلْأَوَّلِ وَلَوْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ من يَوْمِ فَارَقَهَا الْأَوَّلُ كان لِلْأَوَّلِ وَلَوْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ من يَوْمِ نَكَحَهَا الْآخَرُ وَأَكْثَرُ من أَرْبَعِ سِنِينَ من يَوْمِ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ لم يَكُنْ بن وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ من طَلَاقِ الْأَوَّلِ لِمَا لَا تَحْمِلُ له النِّسَاءُ وَمِنْ نِكَاحِ الْآخَرِ لِمَا لَا تَلِدُ له النِّسَاءُ وإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ في بَطْنٍ وَاحِدٍ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْوَلَدِ الْآخَرِ ولم يَقَعْ بِهِ طَلَاقٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَلَا عِدَّةَ عليها وَلَوْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةً في بَطْنٍ وَقَعَتْ تَطْلِيقَتَانِ بِالْوَلَدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ وهو يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّالِثِ وَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَوْ كانت الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَوَلَدَتْ أَرْبَعَةً في بَطْنٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ بِالثَّلَاثِ الْأَوَائِلِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالْوَلَدِ الرَّابِعِ وَلَوْ قال رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ بين كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَنَةٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِالْأَوَّلِ وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ بِالْآخَرِ وَإِنْ كان الطَّلَاقُ لَا يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ فَلَا نَفَقَةَ فيه وَإِنْ كان يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَلَهَا النَّفَقَةُ كما وَصَفْت في أَقَلَّ ما كانت تَحِيضُ فيه ثَلَاثَ حِيَضٍ حتى تَدْخُلَ في الدَّمِ من الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ( قال ) وَإِنَّمَا فَرَّقْت بين هذا وَالْمَسَائِلِ قَبْلَهُ لِأَنَّ الزَّوْجَ ( 1 ) ابْتَدَأَ الطَّلَاقَ كما يَقَعُ على الْحَانِثِ بِكَلَامٍ تَقَدَّمَ قبل وَضْعِ حَمْلِهَا وَقَعَ بِوَضْعِ حَمْلِهَا]
____________________


استحمار الشعب والدولة

استحمار الشعب والدولة
عجيب أمر القائمين على إدارة البلاد بكل العصور، هل فقد المصريون الرشاد، أم فقدوا نخوة الكرامة، أم لديهم تأخير في ردة الفعل حتى تقع المصائب.
بيان رقم 1&2&3 بتشكيل هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمصر، وضلوع واضح لحزب النور والجماعات السلفية المتأخرة في الرشاد والفهم الإسلامي، ثم  تجدنا ولا زلنا فاغرين الأفواه لا نلوي على شيء وكأن الأمر لا يخصنا.
 ويقولون بأن المتطوع سيمسك في يده بعصا، ولا زلنا فاغرين الأفواه أيضا، ويقولون بأنهم سيستبدلون العصا الخيزران بصواعق كهربائية، ولا زلنا واجمين مش فاهمين، فهل أصبحنا شعبا من الحمير.
إن هذا النهج الذي ينمو بيننا يؤكد على وجود ردَّة حضارية وفكرية بالبلاد، ألا تستشعرون بأن هؤلاء السلفيون يعيدونا لعصر العقوبات البدنية وقهر الناس واستعبادهم تحت راية ما يزعمونه أنه دين.
ألا تستشعرون بأن سيادة القانون تم استبدالها بخيزرانه في يد أعضاء الهيئة من الأجلاف البدو المتجنسين بالجنسية المصرية؟، ألا يرى الأزهر أي مخالفة يتم ارتكابها باسم الإسلام، وهل هذا هو العقل المتنور لشيخه؟، أيكون هذا الصمت والخنوع المريب هو رد فعل جهاز الشرطة ووزير الداخلية الهمام؟، أتسمحون هذه الأيام بإنشاء تنظيمات تحتك بالشعب خارج الإطار القانوني؟، هل فقد رئيس الوزراء التفاعل مع الأحداث؟، وأين الجميع من سيادة القانون.
ألا يفهم أحد بأن هذه الهيئة ستقودنا لحرب أهلية؟، أم ستنتظرون أن يستعر القتل  لتقولوا تسمياتكم ومصطلحاتكم الشمطاء هذا شهيد وهذا قتيل، وأين خطباء الجمعة من هذا الحدث؟، وأين توعية وزارة الثقافة  للناس باللجوء للشرطة حال تدخل أحد الأجلاف في الحريات العامة والشأن الخاص للمواطن.
ألسنا تحت حكم قانون الطوارئ وهذا التنظيم الداعر يقوم بنسج خيوطه الآثمة والخارجة عن  دين الله ليحكم ويتحكم في البلاد ويعيث وينشر فيها الفساد، ويقول [كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله] بينما هم لا يفهمون حرفا مما يقرءون؛ فلماذا لا يتم القبض عليهم قبل أن تقع المصيبة.
إن الخيزران والصواعق الكهربائية ليس فيها أي معروف، وإن إجبار الناس على الصلاة والحجاب، وظن السوء بكل رجل يقف مع امرأة أو يجلس معها، أمر لم يأمر به الله ولم يقم به النبي حال حياته، لأنه كان يفهم ما تنزل عليه ولم يكن جلفا بدويا، وكان صلى الله عليه وسلم غير فظ ولا غليظ القلب، وكان على خُلُقٍ عظيم حيث كان خُلُقُهُ القرءان، فأين هذه الهيئة ومهمتها من نبي الرحمة ودين الإسلام؟ .
ألم يقل الله عز وجل: {وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ }الأنعام107؛ وكيف يفهم هؤلاء قوله تعالى: { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ }يونس108؛ فمنذ متى أصبح السلفيون وكلاء الإسلام في الأرض بينما رسول الإسلام يقول [ لست عليكم بوكيل ]؟، ألا تفهمون كتاب الله وتزعمون أنكم تيار إسلامي، نعم إنكم تيار يزكم الأنوف، تيار يستقى مناهجه بتحريف فهم كتاب الله، تيار يأخذ الحكم من آية ويترك باقي الآيات لهوى الغلظة في نفوس مريضة بالغباء الفكري والفقهي.
وترى سدنة هذا الفكر وهم يغضبون من كلماتي التي أذكر فيها كلمات من مثل [غباء ـ غلظة ـ فظاظة ـ بدعة ـ غباء فكري وفقهي]؛ بينما لا يجدون غضاضة في تهديد الناس بالعصي والتدخل في الحريات العامة وهدم دولة القانون، لأن كل هذا على هواهم، وهم يجُرُّون الناس ليذعنوا للنظام الجديد ويخضعوا لاعتداءاتهم وتدخلاتهم الغليظة الخارجة عن دين الإسلام.
فأين أنت يا جنزوري، وأين أنت يا شيخ الأزهر، وأين أنت يا وزير الثقافة، وأين أنت يا وزير الداخلية، أم أنكم تنتظرون فوضى تتلذذون بالشكوى منها، هل هذه هي الأمانة والإخلاص الذي يجب أن تكونوا عليه، والله لو كان الأمر بيدي لحاكمتكم على هذا الصمت المريب.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض وكاتب إسلامي


البسملة في فقه المالكية

البسملة في فقه المالكية
كتاب قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية على مذهب إمام المدينة ـ الباب العاشر في القراءة
الباب العاشر في القراءة وفيه ثلاثة فصول  ( الفصل الأول ) في أم القرآن وفيه ثلاث مسائل ( المسألة الأولى ) في حكمها وهي واجبة خلافا لأبي حنيفة وتجب في كل ركعة وفاقا للشافعي وقيل في ركعة واحدة وقيل في نصف الصلاة فأكثر ومن لم يحسنها إن كان أبكم لم يجب عليه شيء وإن كان يتعلمها وجب عليه تعلمها والصلاة وراء من يحسنها فإن لم يجد فقيل يذكر الله وقيل يسكت ولا يجوز ترجمتها خلافا لأبي حنيفة ( المسألة الثانية ) لا يقدم قبل القراءة دعاء ولا توجها للشافعي في تقديم ( ( وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض ) ) الخ وخلافا لأبي حنيفة في تقديم ( سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ) ولا تعوذا خلافا لهم ولا يبسمل سرا ولا جهرا خلافا للشافعي في البسملة سرا مع السر وجهرا مع الجهر ولأبي حنيفة في البسملة سر على كل حال ولا بأس بالبسملة في التطوع عند الأربعة وليست البسملة آية من الفاتحة ولا من غيرها سوى النمل خلافا للشافعي ( المسألة الثالثة ) في التأمين ويجوز آمين بالمد وبالقصر مع تخفيف الميم وهو مستحب للفذ والمأموم مطلقا وللإمام إذا أسر اتفاقا وإذا جهر وفاقا للشافعي والمشهور لا يؤمن في الجهر وفاقا لأبي حنيفة ويسر التأمين خلافاللشافعي ( الفصل الثاني ) في السورة وتقرأ في الأوليين إجماعا ولا تقرأ في الثالثة والرابعة خلافا للشافعي وتقرأ في التوعات إلا ركعتي الفجر على المشهور ويستحب أن تطول في الصبح فيقرأ بطوال المفصل وما زاد عليه ودون ذلك في الظهر ودونها في العشاء ودونهما في العصر ودونها في المغرب فرع يستحب إكمال السورة وأن ترتب ترتيب المصحف وأن تكون في الركعة الأولى أطول ويجوز أن يكرر السورة في الركعة الثانية ويكره تكريرها في ركعة واحدة ( الفصل الثالث ) في الجهر والإسرار وحكم الفرائض معروف وأما المتطوع فيجهر بها في العيدين والإستسقاء ويسر في سائرها نهارا ويخير ليلا بين الجهر والإسرار والسر أن يسمع نفسه ومن يليه والمرأة في الجهر دون الرجل ويقرأ المأموم في السر فإن لم يقرأ فلا شيء عليه في المذهب ولا يقرأ في الجهر سمع أو لم يسمع وقال الشافعي يقرأ إن لم يسمع وقال أبو حنيفة لا يقرأ مطلقا وإن فرغ الإمام من القراءة قبل الإمام فهو مخير بين زيادة قراءة أو دعاء أو سكوت والله أعلم بالصواب  .
.........................................
كتاب جامع الأمهات باب وللصلاة شروط وفرائض وسنن وفضائل فقال فيه وليست البسملة منها فلا تجب
.......................................................................
كتاب الثمر الداني باب صفة العمل في الصلوات المفروضة وما يتصل بها
 ثم تقرأ فإن كنت في الصبح قرأت جهرا بأم القرآن لا تستفتح ببسم الله الرحمن الرحيم في أم القرآن ولا في السورة التي بعدها.
.........................................................................................
كتاب الكافي لابن عبد البر
باب القراءة
لابد من قراءة فاتحة الكتاب للإمام والمنفرد في كل ركعة من الفريضة والنافلة لا يجزئ عنها غيرها ولا يقرأ فيها بسم الله الرحمن الرحيم لا سرا ولا جهرا وهو المشهور عن مالك وتحصيل مذهبه عند أصحابه وقد ذكر اسماعيل عن أبي ثابت عن ابن نافع عن مالك قال وإن جهر في الفريضة ببسم الله الرحمن الرحيم فلا حرج ومن أهل المدينة من يقول لا بد فيها من بسم الله الرحمن الرحيم منهم ابن عمر وابن شهاب ومن قرأ عند مالك وأصحابه بسم الله الرحمن الرحيم في النوافل وعرض القرآن فلا بأس

موروثات جنسية

موروثات جنسية
اسمحوا لي أن أستطرد البيان في رفض ما جاءت به التفاسير عن قوله تعالى (إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون) 55 يس؛ حيث ورد بأن شغلهم افتضاض عذرية الأبكار تحت الأشجار على شواطئ الأنهار، وهو ما أرفضه جملة وتفصيلا، فشغل أهل الجنة أرقى وأجل وأعمق وأعلا بكثير من شهوات جنسية مع العذارى.
ويقول دعاة السلفية ترويجا لمنهجهم من انه القرءان والسنة بفهم سلف الأمة، وإن كنت لا أعرف أين ينتهي بهم مطاف تعبير سلف الأمة، فهل كل القدماء منذ عصر الصحابة وحتى مائة سنة سابقة أم حتى القرن الثالث الهجري أم ماذا، فكلمة سلف الأمة كلمة مطاطة، وإن كان المقصود هم الصحابة رضوان الله عليهم فإن الصحابة الأجلاء لم يورثوا مكتوبا يمكن الاعتماد عليه، وإن ما بأيدينا عنهم أمور منسوبة لهم والله أعلم بصحتها.
وما يعنيني هو تعبير (فهم سلف الأمة)، فسلفنا القديم كان لا يتحرج في غالبه أن يضع الحديث على رسول الله، ولم يكن بالأمة هيئات تحفظ على العلماء علمهم، وبذلك تم الدس على كل تراثنا، وحتى كتاب البخاري لم يسلم من هذا الدس، وتم الدس بالمراجع الأخرى تحت مسمى قال بن مسعود وابن عباس والأعمش وابن قتيبة وهكذا؛ لقد استطاع أهل الدس وباستغلال عواطفنا ونهجنا لتقديس القديم والقدماء أن يبثوا سموم الغدر في الحديث النبوي وتفسير القرءان والتراث البشري عموما، فإذا ما أضفت لهذا كله اختلاف العلماء في كل المسائل تقريبا، فإننا نكون بصدد صورة مشوشة وغير محددة عن تعبير (فهم سلف الأمة).
وحيث لم تملك أقوال الصحابة من العناية ما تميز به الحديث النبوي، فلقد احتلت مفاهيم منسوب صدورها للأجلاء مكان الصدارة في عقولنا حتى صارت إرثا تتناقله الأجيال ومنها ما هو فهم جنسي نابع عن شبق غريزي لأنفس ما ارتوت من العلم والفقه قدر رويتها من الهوى والمزاج.
فتجدنا بمجرد أن يُذكر تعبير (الحور العين) إلا ويقفز للعقل المسلم مخيلة بنات الهوى والعملية الجنسية، وما ذلك إلا موروث عن فهم سلف الأمة الذي كان يجب أن يوضع موضع التمحيص مثل حديث الرسول تماما بتمام، لكن لأن العلم لم يكن من خصائص الأمة وإن اشتغل به البعض لذلك تجد تلك المفاهيم قد تناقلتها الأجيال لتجد من يروج لها من أصحاب اللحى الذين يقولون بأنهم على القرءان والسنة بفهم سلف الأمة.
إن الله خلق الزوجين الذكر والأنثى سواء بسواء، فهل جُعلت المرأة لمتعة الرجل ولم يجعل الرجل لمتعة المرأة؟!، وهل ميّز الله الرجل جنسيا بالآخرة فجعل له الحور العين بالجنة وضاعف له الفحولة للاستمتاع بهن، بينما لم يجعل للمرأة بالجنة إلا رجلا واحدا، إن أصحاب هذا الفكر الموروث يسحبون قانون وشهوات الدنيا ليتخيلوها ويختالوا بها على انها تكون بالآخرة، أيكون قانون الحياة هو ذاته قانون الآخرة...بالطبع لا، لأن قانون الدنيا به تكليف وممنوعات ومحرمات بينما الآخرة سداح أكثر من المداح، لذلك فإن تلك المخيلات إنما أصابها عطب الدنيا فشرحت به أمور الآخرة، ثم اعتبرنا نحن قولهم دينا.
وهل تعبير (فجعلناهن أبكارا) تعني غشاء البكارة؟!.
وهل تعبير (لم يطمثهن قبلهم إنس ولا جان) يعني عملية الجماع بين الجنسين، أو يعني دم الطمث الفاسد عند الأنثى.
إن هذه موروثاتنا التي تتقافز إلى مخيلات السلفيين ليدينوا بها وهم يفخرون بمذهبهم المنتمي إليها، بل تقفز لمخيلة الجميع حين تلاوتهم للقرءان، فهي بالتراكيب المخية للأمة، فهل يا ترى نحن أسرى لتلك المفاهيم، وهل لا يوجد تأويل أكثر عمقا، وأكثر رقيا،  وأنسب للسياق القرءاني من تلك الموروثات الجنسية، أم ان مفهوم السلف (وإن صح) يعتبر دينا وقيدا على القرءان وعلى الأمة إلى يوم القيامة، وبخاصة ان وراءه جماعات ودول ترعى ذلك الفكر تحت ستار مصطلح (فهم السلف) وتجعله أمرا مقدسا.
لـذلك
يجب العودة للجذر الجنسي المتسبب لتلك المخيلات الجنسية، ألا وهو تعبير (الحور العين) لنقف تحديدا عما إذا كانت إناث تحتاج لفحولة المسلمين عامة والعرب منهم خاصة، أم هي أمر آخر.
يقول تعالى: {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ }الدخان54.
ويقول تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ }الطور20.
ويقول تعالى بسورة الواقعة: { وَحُورٌ عِينٌ{22} كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ{23}.
ويقول تعالى في سورة الرحمن: { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ{68} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{69} فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ{70} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{71} حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ{72} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{73} لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ{74}
فمن الآيات السابقة لا يجد القارئ كلمة الجنس الآخر إلا حين يفسر كلمة (وزوجناهم) على انها زواج النكاح.
ويا ترى لماذا كان السياق القرءاني بسورة الرحمن يستخدم كلمة (فِيهِمَا) للفاكهة بالآية 68، لأن الله كان يتكلم على أن لكل مؤمن خاف مقام ربه جنتان.
لكنك تجد اختلاف بالسياق بالآية التي تليها مباشرة حيث ترد كلمة(فِيهِنَّ) للخيرات الحسان، لأنه كان يتكلم عن ان الجنتان الأوليان تحتهما جنتان أخريان من دونهما، والأربعة جنات فيهن خيرات، فهل يُطلق على الإناث لفظة (خيرات)، أم (خيِّرات) بتشديد حرف الياء، أو (أخيار)، فتلكم هي أصول اللغة التي لا يتوه عنها القرءان.
أم يا ترى هل الحور العين جنس غير الإنس والجن والملائكة، وإذا كانت جنسا رابعا ففيم الغيرة أن يكون للرجل حور عين وللمرأة أيضا، أم لا زلنا نتربص بفرج المرأة ولا نتربص بفرج الرجل بذات القدر حتى في الآخرة.
ونحن ندرك بأن الحور العين كأمثال اللؤلؤ المكنون، فإذا أكلها المؤمن أو المؤمنة أو ارتداها إن كانت لباسا يتسربل  به أهل الجنة فإن المؤمنين والمؤمنات  يجدوا أنفسهم وقد سعى نورهم بين أيديهم، وذلك من قوله تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }الحديد12.
بل يستهدف أهل الجنة النور بالآخرة التي ستشرق بنور بها، حيث يقول تعالى:{ ... يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }التحريم8.
لذلك فالتلألؤ، والنور، وإتمام النور، أمر يصير إليه أتباع رضوان الله، ويسعون إليه ولا يسعون بحال لواقع جنسي ضحل، فإذا أضفنا لذلك قوله تعالى: {لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }ق35؛ فإن ما يشاءون فيها ليس العملية الجنسية إنما إتمام النور، وتعبير (ولدينا مزيد) يعني أنه لا سقف للمتعة حتى نهبط بها لحيوانية الشهوة الدنيوية، كما أن كلمة (لهم) تعني الرجال والنساء.
كما ان عملية تصور أن تفسير قوله تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ }يس55؛ انه فض الأبكار تحت الأشجار على شاطئ الأنهار، كما ورد ذلك بكثير من مراجع السلف، فهو إنما يعبر عن انحطاط الهمم الدنيوية التي تتقافز بشهواتها لتجعلها سقفا لمتعة الآخرة، فإذا علمنا أن تلك العملية تتم بما سماه الله (السوأة)، وحيث أن جنة الآخرة ليس بها سوءات، لذلك فإن قوانين الالتذاذ غير تلك القواعد الهابطة الموجودة بالدنيا التي لا تساوي كلها عند الله جناح بعوضة، فكيف تكون صبابة وصبوة المؤمن بالآخرة كتلك البضعة التي كان يضعها بالدنيا ويغتسل منها، إنه الهبوط الفكري بعينه.
إن خلقتنا بالآخرة لن تكون بمثل خلقتنا الدنيوية، ولا صبوتنا أيضا، وذلك لقوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }العنكبوت 20 
وقوله تعالى: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ }ق15
وقوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }العنكبوت20.
فالنشأة الأخرى والخلق الجديد لهم مكونات وهمم ومآرب غير تلك التي كانت بالدنيا، فلا يجوز المقاربة بينهما، كما لا يجوز أن يتصور المسلم ان الاتكاء في قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ }الطور20. يكون على الكوع أو الساعد، أما التزويج فلا يعني النكاح، لكن التزويج يعني الملازمة بما يجعل من ينظر إلينا تقر عينه حين يرانا، فهكذا يكون التزويج.
وموضوع الزواج نقول فيه، بأنه ليس كل زواج أو زوج يعتبر نكاحا، وآيتنا في ذلك قوله تعالى: {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ }يس56؛ فتعبير (هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ) لا يعني بحال أزواج الدنيا لكن يعني أشباهنا من أهل الإيمان بالدنيا، وإلا دخل فرعون الجنة مع زوجته، أو دخلت هي النار معه، لقوله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ }الصافات22؛ وهكذا لا يجب أن نصرف الزواج على انه النكاح حتما وإلا فسد فهمنا لكتاب الله.
وكلمة (أبكارا) ليست هي غشاء البكارة وآيتنا في ذلك قوله تعالى في سورة الواقعة: { وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ{32} لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ{33} وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ{34} إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء{35} فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً{36} عُرُباً أَتْرَاباً{37} لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ{38}؛ فالله جعل الفاكهة أبكارا وليس بالأمر فرج لبنات أو مساء أو حور.
  وحتى كلمة (كواعب) إنما تطلق مجازا في الدنيا على بعض الرقيقات من الإناث، لكنها في أصلها تطلق على كل ناعم، وهي في السياق القرءاني أطلقت على نعيم الجنة ولم يذكر الله بأنها حور عين فهل نستنتج انها بنات في عمر واحد لهن أثداء شكلها وحجمها متساو، كما تقول بذلك تفاسيرنا، وتدبر قوله تعالى بسورة النبأ: { حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً{32} وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً{33} وَكَأْساً دِهَاقاً{34} ؛ فأين الحور العين هنا، ولماذا لا تكون الخيرات الحسان السابق التنويه عنها والتي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم[فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر] فهل نكاح البنات الصغيرات الأبكار مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؟!.
أما تعبير قوله تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ }الرحمن74؛ فلا يعني عملية الجماع بين الجنسين، ولا يعني دم الطمث الفاسد عند الأنثى، فالطمث عادة الإناث سواء كن  بنات أم سيدات، فتعبير {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} لا يعني بحال أمر النكاح إلا عند أصحاب الشبق، وقد يعني الطمث معنى المس، وهذا لا يعني النكاح أيضا، فيمكنك أن تمس الثمرات، وتمس الثوب، ....وهكذا.
وعموما وعلى أي تقدير كان فإن الأمر إن انصرف إلى حور عين بمعنى الجنس، وزواج بمعنى النكاح فإن للذكر مثل حظ الأنثى تماما بتمام، وليس في الأمر غيرة من أحد على أحد لأن الحور جنس رابع كما أسلفنا، ولأن الله ينزع الغل من صدور أهل الجنة، لقوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ }الحجر47؛ لكن لن يكون شغل أهل الجنة فض أغشية الأبكار تحت الأشجار على شواطئ الأنهار.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وكاتب إسلامي


خطة الاستيلاء على الأزهر

خطة الاستيلاء على الأزهر
هل أصبحت مصر ملجأ للثقافة الوهابية، أم ان تلك الثقافة ترتع منذ القرن الماضي بمعرفة نظام الحكم الذي كان قد سلّم زمام الريادة الدينية للسعودية، فأضحت السلفية الوهابية بمصر كلعنة الفراعنة بالقبور، وسلّم مياة النيل لدول إفريقيا، وسلّم الثقافة للبنان، وسلم المعابر لإسرائيل، وانفرد بشعب مصر يظلمه، وبثروتها نهبا واستغلالا.
كيف بمصر وكانت دوما عاصمة الدين والثقافة بالشرق أن يتراجع دورها الإقليمي والعالمي، لذمة فقهاء البادية، كيف تركت الدولة الشرطية بالنظام السابق حفنة من الرجال لتعبث بعقول الأطفال والشباب وأصحاب الثقافات المتواضعة من شعب مصر.
فتلك السلفية الوهابية المدعومة من بلاد البترول بالشرق تملك سبعة آلاف مسجد وزاوية بمصر المحروسة، وملحق بكثير من تلك المساجد حضانات للأطفال، يسمعون لنصح محموم من المشرفات والمشرفين تحت مظلة أن الله يحبك إن فعلت كذا وكذا وبغضب إن فعلت كذا وكذا، فهكذا تم غرس السلفية الوهابية في عقول أطفالنا.
وانتشرت بها ما يسمى معاهد الإمامة لتخريج أئمة سلق بيض ليقودوا حركة الخطابة بل والدروس الدينية بالمساجد، بفقه سلفي يتصور زعماؤه انهم أهل صدراة الفهم الإسلامي، حتى أصبح شعب مصر فريسة لهذا الفكر البدوي المتنامي.
والسؤال الذي يحدونا، أيكون كل ذلك من أجل الاستيلاء على الأزهر؟، والإجابة بنعم، ألم تكن جبهة علماء الأزهر التي أنشأها البعض أحد المعاول السلفية بالأزهر، وهي الجبهة التي تصدى لها شيخ الأزهر الراحل بالحل، لكنها ما زالت تعمل ضد الأزهر حتى اليوم لصالح الوهابية السلفية، فهي الطابور الخامس الوهابي داخل الجسد الأزهري لنشر الفقه البربري.
الفقه السلفي وثورة يوليو
لقد أشاعت تلك الجبهة ـ ضمن ما أشاعت ـ أن ثورة 23 يوليو أضعفت الأزهر، وراح الكثيرين من شعب مصر يردد تلك المقولة، إن ثوار السلفية يريدون تصوير ضباط ثورة يوليو على انهم مجموعة من العلمانيين الذين يعملون ضد الأزهر، فأين وجه الحق.
إن الواقع الذي عشناه هو خير شاهد، فلقد قامت ثورة يوليو بنشر وتوسيع النطاق الجغرافي للدعوة الأزهرية، فالأمر ليس كما يبدو للعامة من أن الدولة جعلت الأزهر تابعا ذليلا لها، فما من أحد بالدولة يسيطر على رجال الأزهر فيما يقولون، أما منع البعض من الخطابة فكان وفق إجراءات إدارية من رجال الأزهر بعضهم على بعض، وقد كان الشيخ كشك يهاجم عبد الناصر وحكوماته اسبوعيا بخطبة الجمعة، وكانت شرائط خُطَبه تباع على الأرصفة وفيها من الذم للحكم ورجاله ما فيها، وما كانت مباحث أمن الدولة وقتها تفعل شيئا إلا استدعاؤه لتبين له الوجه بين الواقع الحق والباطل من كلامه، فلا يلبث أن يعود ليخطب الجمعة التي تليها، واستمر ذلك طوال حياة الشيخ.
ولقد كان الأزهر قبل ثورة يوليو مؤسسة ذكورية لا يتعلم فيها إلا الذكور، فجاءت ثورة يوليو فنشرت العلم الأزهري في نصف المجتمع المظلم والمظلوم، فأنشأت معاهد أزهرية للبنات، وحصلت الإناث وأتاحت لهن أرقى الدرجات العلمية بالأزهر، وما الدكاترة/ سعاد صالح وآمنة نصير وغيرهما إلا نتاج ثورة يوليو لنشر التعليم الديني ومحو الأمية الفقهية للإناث، وهم الثمرات اليانعة التي تشهد على زيف المنادين بتطوير واستقلال الأزهر ليعود ذكوريا كما كان.
ولقد قامت ثورة يوليو بإنشاء مدينة البعوث الإسلامية، فانتشر الفقه الأزهري في ربوع الدنيا حين ازدهرت الدراسة به على نفقة الدولة لكل الجنسيات، ويقوم الأزهر سنويا بالاحتفال بما يسمى بالرابطة العالمية لخريجي الأزهر، وتعقد ندوات التعارف بين أجيال الدول المختلفة من أبناء الأزهر، وكان آخرها بشهر يناير من هذا العام قبل ثورة 25 يناير مباشرة.
وحين ترى ثورة يوليو أن مهمة الدعوة الإسلامية لا تنحصر في فقه الشعائر من صلاة وصوم وزكاة وحج فقط، لكن يمتد ذلك لتخريج الطبيب والمحاسب والمهندس الزراعي المتفقه في أمور دينه، فأنشأت كليات لهذه التخصصات وغيرها لتستقبل الدارسين الأزهريين، ألا يكون ذلك تطويرا ونشرا للدعوة الأزهرية، فحين ترى الدعوة السلفية ذلك النهج رِدَّة عن فهم السلف لمعاني الدعوة والدين فلا يكون العيب في رجال الثورة، إنما يكون في فكر تحنيط الفقه والعلوم عند حدود الشعائر واللغة العربية، وما أرى إلا لأن ذلك الفكر لم يألف تطور الأفكار وحرية العقول، لذلك فهو ينعت علماء الأزهر بأقذع ما يمكن من القول ويزعم بأنهم علماء السلطان، وهو ما يقابله رجال الأزهر بابتسامة الواثق المغبون.
وإذا كان الأزهر يمر بمحنة دعوية، فإنه لا يمر بمحنة فقهية، فيجب عدم استثمار بعض نقاط الضعف لينساق خلفها كل من يفتن بفقه البلادة السلفية، ولقد قال شيخ الأزهر في اجتماع الرابطة العالمية لخريجي الأزهر:[ان الأزهر الشريف مر في الفترة الماضية بحالة من الضعف أثرت على دوره كمرجعية كبرى للعالم الإسلامي لنشر وسطية واعتدال الإسلام في جميع أنحاء العالمٍ وهو عازم برجاله وعلمائه على الإصلاح].
العبث الوهابي الدولي للاستيلاء على الأزهر
إن العمل ضد الثورات الشريفة هو دأب دول بالمنطقة كانت تستفيد دوما كلما ضعف نظام الحكم بمصر، وهل كان للصوت السلفي أن يرتفع إلا بأموال تتدفق باستمرار لنشر الفكر الوهابي عبر الأقمار الصناعية، فبعد أن كانت السلفية تُحرِّم التلفاز، أصبح اتباعها ومشايخها نجوما به، إن الأموال التي يتم دفعها لنشر الدعوة الوهابية على القمر الصناعي (نيل سات) كلها بترولية.
فهل الاستيلاء على الأزهر هو أحد الأطماع التي تعمل لأجلها دول تعمل على إضعاف الأزهر بإنشاء طابور خامس وهابي به؟، وهل من بصر وبصيرة لنكشف زيف هذه الأفكار البدوية التي تفرح لإسلام كاميليا شحاته ووفاء قسطنطين، أوالزانية الشهيرة مع الزاني السلفي، وتقيم لهن المظاهرات، وكأننا بدار الأرقم ابن أبي الأرقم، فتراهم يهللون ويكبرون عند إسلام فتى واحدا أو فتاة، إنه الفكر السلفي البدوي الذي لا يتطور أبدا مع مرور الزمن عليه، وهو الفكر الذي يعمل على عواطف العامة ليجمع حوله القلوب الساذجة فيتقوى بها.
والخروج على الحاكم الظالم حراما في فقه السلفية، لذلك لم تشترك السلفية بثورة 25 يناير، إلا في آخر يومين، ذرا للرماد في العيون، إن الدول التي تغذي السلفية الوهابية بمصر لا تريد لمصر إلا أن تظل في أوحال نظام ترتاح له تلك الدول، وهل يكون التظاهر ضد الحاكم حراما بينما يكون التظاهر السلفي في وجه الإمام الأكبر شيخ الأزهر حلالا؟، كيف يفكر ذلك الصنم السلفي المتناقض الذي ثار وتظاهر ضد شيخ الأزهر؟.
إن الأزهريين اتباع المنهج السلفي ليسوا خطرا على الأزهر فحسب، بل هم خطرا على مصر بأسرها، والسلفية عموما هي الخطر الناعم الذي يتوغل باسم الدين بل يزعمون زورا أنهم يمثلون صحيح الدين، فهل الطعن في شيخ الأزهر تارة وبالمفتي تارة، وبالبابا شنودة تارة ثالثة، وإشاعة فكرة العلمانية ضد المثقفين من أبناء مصر، والتظاهر في مواجهة الكاتدرائية، وحرق الكنائس بل وهدمها بالبلدوزر، والاستيلاء على المساجد، وهدم قبور الصالحين، أمر تغذيه ثقافة فقط أم يغذيه فكر ومال دول يجري الدولار بباطن اراضيها بترولا لخدمة ذلك الفكر.
إن محاولة زعزعة استقرار الدولة بافتعال هياج في كل مكان، والطعن في كل ما هو غير سلفي، لا يمكن لداعية سلفي أن يقوم به بمفرده، ولا تنهض به إلا دول بترولية تنتحب لقرب زوال ملكها الفكري بمصر، فتكون السلفية هي الأداة، ويكون الأزهر هو الهدف والكعكة التي ستقدمها تلك الدول لرعاياها الوهابيين من أهل السلفية.
الرسوب الشرعي للفكر السلفي
إن السلفية تقول بأنها تتبع القرءان والسنة بفهم سلف الأمة، فهكذا نشرت جريدة الأهرام قول كبيرهم، وهو ما يرددونه في مجامعهم ومقابلاتهم وبالتلفاز، ومن لا يتعمق قد يغتر بمثل هذا المنهج ذي الأصول البراقة، فالجزء الأول منه يقوم به الأزهر وكل المخلصين لدينهم، أما الجزء الثاني وهو عبارة [بفهم سلف الأمة] فهو الطامة الكبرى.
فلقد اختلفت السلفية على ثلاث فرق في تفسيرهم لمفهوم سلف الأمة، فمنهم من قال انهم الصحابة، ومنهم من قال الصحابة والتابعين، ومنهم من قال بأن السلف هم رجال الثلاثة قرون الأولى.
وأيا كان وجه الحق في معنى السلف، فإن تعبير [فهم سلف الأمة] يحمل تحجرا فكريا غير مسبوق، بل ومخالف لكتاب الله، بينما يصوّر السلفيون للناس بأننا نكره الصحابة، فهكذا يداعبون عواطف السذج، بينما هم يصنعون الزيف ويمكرون بالإسلام، إذ أن ارتباط المسلم بفهم سلف الأمة يحمل في طياته إنشاء العصمة لمفهوم السلف، فيكون لدينا نص معصوم وهو القرءان، وفهم معصوم وهو فهم السلف، وبهذا نكون أصحاب أقفال على قلوبنا لقوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }محمد24، لأننا نكون قصرنا التدبر والفهم على السلف الصالح، وحينئذ يتعطل تنفيذنا لكل آية تقول: [أفلا تعقلون، لقوم يتفكرون، إن في ذلك لآيات لأولي الألباب....إلخ] لأنه لا فهم ولا لب ولا عقل إلا عقل السلف، وهو الخطيئة الكبرى التي تمارسها سلفية الوهابية.
بل انتهى فقه السلفية لاتِّباع الأجداد، وما أمرنا الإسلام إلا باتِّباع المنهج، ولم يتبعنا باتِّباع الأشخاص في فهمهم، وحتى حين أمرنا الإسلام أن نتبع رسول الله، فقد أمره هو أولا باتِّباع المنهج فقال تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }النحل123؛ بل أمر الناس جميعا باتباع ملة إبراهيم ولم يأمرهم باتباعه فقال سبحانه: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ }البقرة130. وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً }النساء125.
وفهم السلف فهم بشري، لذلك فهو لا يحمل الصواب المطلق، وتدبر قوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}النساء82؛ فالله يستحثك أنت على التدبر، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
وتراهم يقولون قولا عجيبا ومصطلحا فاسدا وهو اجتهد لكن لا تختلف، ففيم الاجتهاد إن لم يثمر عن اختلاف، ولأنهم أساطين الخلاف لذلك فهم لا يحبون الاختلاف، لهذا صنعوا أصناما من قول السلف ظلوا لها عاكفين، وقالوا بالبدعة عن كل جهد وفكر للخلف، بل من عجائب فقههم ألا تقود النساء السيارات بينما يبيح ذات الفقه أن ترضع النساء الرجال.
وأنا أتحدى كل السلفية بالعالم أن يبينوا لي فهم السلف أو أي أثر صحيح لهم عن قوله تعالى: {... وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ... }الحديد25؛ فهل علم السلف شيئا عن معنى إنزال الحديد وأنه ليس من أديم الأرض!، أي انه تم إنزال الله له بعد عملية خلق الأرض، فكيف نتقيد بفهمهم وهم الذين لم يفهموا قوله تعالى عن هزيمة الروم انها تمت في أدنى الأرض، لقد كانوا يعرفون قصورهم الفكري عن استيعاب كل آيات كتاب الله، لذلك كانوا يؤمنون تسليما ببعض الآيات التي لم يأتهم تأويلها.
وهل علم السلف أي فهم عن الفرق بين الساعة والقيامة، أو الفرق في إتيان الموت بين قوله تعالى: [ حتى إذا جاء أحدهم الموت] وبين قوله تعالى: [ إذ حضر يعقوب الموت]، أي الفرق بين كلمتي [حضر وجاء] عن الموت، أو الفرق بين تعبير [ إن شاء الله و بإذن الله] وغير ذلك كثير، وكلها خارج نطاق المقال إنما أوردتها ليفهم أساطين الفكر البدوي بالقرن الواحد والعشرين أن للخلف مفهوما أعمق من السلف، وأن هذه سُنَّة الله في خلقه،
والله سبحانه يبين للخلف أكثر مما بين للسلف حيث قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }فصلت53؛ فالبث السماوي لم ينقطع عن الأرض ليتعلم الناس أمور دينهم، إنما هناك من يصرون على توقف فكرهم عند حدود بذاتها.
وليفهم أتباع السلفية بأن ذلك الفكر لا يحمل علما قدر ما يحمل تحجرا وتخلفا فكريا يسمونه إسلام، وهنا يبرز الدور الفكري للأزهر الذي يريد البعض الاستيلاء عليه وقيادة سفينة الفقه للخلف بسلفية مدعومة بالدولار والريال والدرهم.
إن على اتباع دول النفط اعتزال ذلك الدين الجديد الذي يطلقون عليه إسلام، وما هو من الإسلام في شيء، بل صدق شيخ الأزهر حين قال عنهم بأنهم خوارج العصر الحديث، وأضيف بأن مصر لا ترتضي أن تستولي حفنة بشرية لديها ضمور فكري على الأزهر، مهما كان دعمها، فمصر بلد عريق وشعب أصيل وثقافة ضاربة في عمق التاريخ، ولسنا قشورا فكرية يزرعها الشياطين اليوم ليجمعوا ثمرتها بعد ساعة من الزمن، فمهما كان دعمهم أو علمهم فلن يفلحوا إذا أبدا.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي